التقى رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، في غرفة صناعة عمان، فعاليات القطاعين التجاري والصناعي، في اطار اللقاءات التشاورية التي تعقدها الحكومة بشأن اولويات عملها للعامين المقبلين.
واكد رئيس الوزراء خلال اللقاء الذي حضره نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة الدكتور رجائي المعشر وعدد من الوزراء ان الحكومة تعمل خلال الفترة الحالية على بلورة اولويات الحكومة للعامين 2019 و 2020 وفق منهجية عمل تركز على وضع الاولويات التي تمس حياة المواطنين واحداث الفرق في نوعية ومستوى الخدمات المقدمة لهم. واكد ان هذه الاولويات تندرج وتتناغم مع التوجيهات الملكية السامية التي تضمنها كتاب التكليف الملكي السامي بالتركيز على دولة القانون ودولة الانتاج ودولة التكافل والتي تصب جميعها في مفهوم "دولة الإنسان " وتشكل الانطلاقة والعمود الفقري لمشروع النهضة الوطني.
واشار الى اننا جميعا نشعر ان ما حققه الاردن بالمئوية الاولى كان عظيما ومهما بمنطقة ملتهبة، " لكن هذه الارضية الصلبة التي نقف عليها الان تدعونا للانطلاق من جديد نحو نهضة تعزز ما تم بنائه وتنقلنا الى آفق اخر".
وقال رئيس الوزراء ان المواطن الاردني يشعر اليوم اننا لدينا امكانيات اكثر مما يتم تحقيقه، لكن ما يتحقق على ارض الواقع هو اقل بكثير وهذا يسبب الاحباط لدى المواطن والقطاع الخاص واحيانا ظروف المنطقة تضع العراقيل واحيانا الحياة البيروقراطية.
واكد الرزاز ان الحكومة جادة لوضع يدها بيد القطاع الخاص وتحديد الثغرات للسير نحو الامام بخطى واثقة نحو مشروع النهضة الذي كلفنا فيه جلالة الملك والبدء فيه، مشددا انه مشروع وطني بامتياز يتطلب ان يشمر كل مواطن عن ساعديه والانخراط معا بالمشروع.
واشار الى ان الحكومة من هنا تبدأ مع القطاع الخاص هذا الحوار لتحديد اولويات وعناوين العامين المقبلين، مؤكدا باننا لا نريد التمنيات ولا نريد طموحات غير قابلة للتطبيق، فالامكانيات المالية محدودة، ولا نريد عددا كبيرا من المشاريع على الورق ينفذ القليل منها، لا نريد برامج وتعهدات وتشريعات غير قابلة للانجاز.
وشدد رئيس الوزراء في هذا الصدد، باننا نريد قائمة محددة ومعرفة مسبقا وقابلة للتمويل والتطبيق نتعهد بها ونتحمل مسؤوليتها ونبني جهازنا الاداري والمؤسسي للسير فيها ومراقبتها وتقييم الانجاز ونضع انفسنا امام المساءلة الكاملة من المؤسسات الدستورية والقطاع الخاص والصحافة والاعلام والمواطن.
واستعرض رئيس الوزراء العناوين الرئيسية لمشروع النهضة الذي ينطلق من ثلاثة محاور حددها خطاب العرش السامي وهي دولة القانون ودولة الانتاج ودولة التكافل.
وقال ان دولة القانون معنية بسيادة القانون ووجود دولة قوية قادرة على تطبيق القانون وقادرة على تطويره، فيما دولة الانتاج هي اطلاق طاقات المواطن والانسان الاردني لتحقيق ذاته، اما دولة التكافل فهي ضمان كرامة الانسان، مؤكدا ان الحكومة تطمح لترجمة هذه العناوين لشيء ملموس على ارض الواقع لذلك تم تحديد مجموعة من الاوليات تحت كل محور.
وبين ان دولة القانون تتعلق بالحقوق السياسية واللامركزية ومكافحة الفساد والترهل الاداري وتحسين القضاء وتقليل فترات التقاضي وتعزيز الثقافة الوطنية للشباب ونفاذ القانون وتطبيقه على الجميع.
ولفت الى ان دولة التكافل تتضمن الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها وبشكل يحفز المواطن على العمل وتطوير مخرجات التعليم العالي الذي يشكل هاجسا للقطاع الخاص وتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة والسكن الميسر والنقل العام.
وركز رئيس الوزراء خلال اللقاء على دولة الانتاج كون القطاع الخاص شريكا فيها، وتتضمن خمسة محاور اساسية اولها ضمان الاستقرار الكلي، مشيرا الى ان الاولوية لاي اقتصاد هو الاستقرار الاقتصادي الكلي حيث لا يمكن للقطاع الخاص ان يستثمر، ومن هنا تأتي بعض الاجراءات الصعبة على الجميع اولها ضمان استقرار الاقتصاد وضبط النفقات.
واكد ان النفقات بالاردن تعتبر عالية ووصلت الى 39 بالمائة خلال عام 2011 من الناتج المحلي الاجمالي انخفضت خلال السنوات الاخيرة الى 29 بالمائة، لذلك شعر المواطن والقطاع الخاص ان نفقات الحكومة تؤثر على حركة الاقتصاد ومستوى المعيشة.
واشار رئيس الوزراء انه ليس صحيحا ان المواطن الاردني والشركات لا تدفع ضريبة وهذا تم اثباته عند مراجعة العبء الضريبي، لافتا الى ان الاقتصاد الوطني يدفع 5ر26 بالمائة من الناتج الاجمالي على شكل ضرائب.
وقال ان الحكومة لو كانت تملك ترف الوقت في بداية العام المقبل للقضاء على التهرب الضريبي لقامت بذلك قبل ان تقترض او فرض ضرائب جديدة او التوجه نحو جيب المواطن، مؤكدا ان توجه اي حكومة نحو قانون الضريبة هو "ضرب من الجنون" ،لكنها كانت مضطرة جراء الديون وجدولتها واعادة تمويلها والاستفادة من المنح والقروض الميسرة المرتبطة بتصنيف المؤسسات المالية العالمية ومن صندوق النقد وسينعكس ذلك سلبا على اسعار الفائدة والتوجه للانفاق من المال العام بدلا من الانفاق على الجسور والبنية التحتية.
واشار الى ان قانون الضريبة الان في عهدة مجلس الامة وهناك تعديلات مهمة تمت على مواده وهم اصحاب القرار، مشددا ان التركيز بالمستقبل سيكون على التهرب الضريبي.
اما المحورين الثاني والثالث في دولة الانتاج فيركز على ريادة الاعمال والتجارة وهناك خطوات مهمة للنهوض بقطاعات اقتصادية يتميز فيها الاردن، حيث سيتم منح حوافز للشركات التي تشغل الاردنيين ولمن يستثمر بالمحافظات ولديه مسؤولية اجتماعية وميزة تنافسية بالتصدير سواء بالخدمات او السلع، مؤكدا ان التصدير هو مفتاحنا الاساسي والعمل على فتح اسواق دول الجوار.
واشار رئيس الوزراء الى ان المحور الرابع هو فرص العمل وهنا يقع الدور على القطاع الخاص لخلق فرص العمل فيما الحكومة ستقدم الحوافز بما يسمح للشباب بالانخراط بسوق العمل وهناك بدائل سيتم الاعلان عنها بداية الاسبوع المقبل حول مشاريع للتشغيل وتدريب الشباب بالشراكة مع القطاع الخاص.
وبين الرزاز ان البند الخامس في محور دولة الانتاج هو رفع كفاءة القطاع العام والقضاء على الترهل الاداري وهناك اجراءات حقيقية وفريق اقتصادي يعالج مشاكل حقيقية، مشيرا الى وجود نتائج ملموسة ستظهر قريبا بخصوص الحكومة الالكترونية.
واشار الى وجود اخبار طيبة تتعلق بمشروع قانون التفتيش حيث تم انجاز التعليمات والانظمة لتوحيد المرجعيات وهناك انجازات مهمة مع الجانب الاوروبي فيما يتعلق باتفاقية تبسيط قواعد المنشأ وفتح اسواق جديدة في اوروبا ودول اخرى وهناك ابواب تفتح فيما يخص السوق العراقية، بالاضافة لتوسعة بقوائم بروتوكول باريس، والصندوق الاردني للريادة سيكون له تأثير على المنشأت الصغيرة والمتوسطة واتمتة الخدمات، والعمل على تأسيس شركة مساهمة خاصة غير ربحية لدعم التصدير، مشددا على ضرورة الاستعداد للمساهمة بمشروعات اعادة الاعمار بالمنطقة.
واوضح رئيس الوزراء ان الاردن ينتقل من دولة الريع الى دولة الانتاج، مؤكدا ان الاردن قادر للوصول الى دولة الانتاج بفضل الطاقات الموجودة ووجود صناعات تتصدر منتجاتها الى اكثر من 130 دولة، مؤكدا ان الاردن يمتلك صناعات مذهلة وبمستوى من التعقيد في عمليات التصنيع. وأشار الى وجود لجنة وزارية من الفريق الاقتصادي تلتقي ايام السبت وتعالج المواضيع العامة التي تطرح من قبل القطاع الخاص، مبينا ان تفعيل اللجنة يأتي ادراكا من الحكومة بأن المشاكل التي تكون عابرة للوزارات يتأخر معالجتها لذلك تم تفعيل اللجنة لحسم القضايا التي تكون عالقة.
وقال رئيس الوزراء ان الحكومة ترحب باي مقترحات وتحديات حقيقة تقدم باسم غرفة الصناعة والتجارة حتى سيتم معالجتها اولا بأول. وفي بداية اللقاء قدم رئيس الوزراء التهنئة لمجالس ادارات غرف الصناعة والقطاعات الصناعية الفائزة بالانتخابات التي جرت السبت الماضي وبالاجواء الايجابية التي رافقت عملية الانتخاب وحجم المشاركة الكبيرة فيها.
كما ترحم رئيس الوزراء على الطفلة التي قضت يوم امس بعد سقوطها بحفرة امتصاصية والمواطن الشجاع اسيد اللوزي الذي حاول انقاذها مندفعا بروح الشهامة، مؤكدا ان الحوادث التي وقعت اخيرا بالمملكة تؤكد ان لدينا الكثير من الابطال، لكن ربما ما ينقصنا هو مزيد من المسؤولية والمؤسسية ومزيد من المساءلة والمحاسبة.
وعبر رئيس غرفة صناعة عمان المهندس فتحي الجغبير عن امله ان لا يحمل القطاع الخاص عبء الحل للمشاكل التي تواجه الاقتصاد الوطني دون طريق ممهد وشراكة حقيقية تساعد الجميع على المضي قدماً نحو الأهداف الإستراتيجية الوطنية العليا.
وأكد ضرورة العمل المشترك لمعالجة نقاط الضعف من خلال تبني إستراتيجية حقيقية لا تميل لجانب على آخر، مبينا ان عدم التناغم والبعد بين القطاعين العام والخاص سيكون لها انعكاسات سلبية على الجميع.
وشدد رئيس الغرفة على ضرورة معالجة ملف ضعف الاستفادة من الاسواق التصديرية وتعزيز الاستفادة من السوق الجزائرية والعراقية من خلال تفعيل الاتفاقيات الثنائية، مشيرا الى وجود تحديات تواجه القطاع الصناعي اهمها ارتفاع تكاليف الإنتاج خصوصا الطاقة الكهربائية التي ما زالت مرتفعة حيث وصلت في قطاعات إلى أكثر من 40 بالمائة من كلفها التشغيلية.
من جانب اخر طالب رئيس غرفة تجارة الاردن العين نائل الكباريتي الحكومة ضرورة عدم الاستعجال والاسترسال والاستهانة في اي قرار يأخذ في المستقبل.
وأكد الكباريتي ان القطاع الخاص موحد وليس مشتتا، مشيرا الى اهمية ان تكون الشراكة بين القطاعين مبنية على الثقة المتبادلة بين الطرفين.
وقال رئيس غرفة تجارة عمان العين عيسى حيدر مراد، ان القطاع التجاري يواجه تحديات تتعلق في تغول نشاط الشركات الأجنبية لتجارة التجزئة عن طريق المولات وانتشار فروعها، (والحاصلة بالأصل على استثناء لتملك كامل رأس المال كون مشروعها رياديا وله أهمية خاصة) والآثار السلبية الناجمة عن ذلك على أداء الشركات والمؤسسات التجارية الوطنية، وخاصة الصغيرة منها.
وبين مراد ان البيع الإلكتروني والطرود البريدية المعفاة من الرسوم، وأثرها السلبي على الشركات الوطنية، مبينا ان الغرفة تقوم حالياً بإعداد دراسة حول التسوق والشراء الإلكتروني ضمن الأسواق العالمية وأُثره على القطاع التجاري والخدمي، والتي سيتم إعلان نتائجها مع منتصف شهر كانون الأول المقبل.
وشدد مراد على ضرورة إعادة النظر في المادتين (42) و (43) من قانون نقابة المحامين النظاميين رقم (25) لسنة 2014 المتعلقتان بالتوكيل الإلزامي للشركات والمؤسسات التي يزيد رأسمالها عن 20 ألف دينار.
واشار الى ضرورة إعادة شمول شركات النقل بالإعفاءات الاستثمارية والجمركية والضريبية، بشكل يُسهم في تحديث أسطول النقل في المملكة والوصول إلى خدمات نقل وخدمات لوجستية متكاملة، حيث تم إيقاف شمول شركات النقل بتلك الإعفاءات منذ العام 2015.
وأكد العين مراد ضرورة تكثيف الجهود لمد المزيد من جسور التعاون والتنسيق وتعميق الشراكة الاقتصادية مع أصحاب الأعمال في الدول العربية، وتوظيف التقارب السياسي والاقتصادي والثقافي بين تلك البلدان لتنعكس على مؤشرات التنمية والتجارة المشتركة.
وخلال اللقاء طالب العديد من ممثلي القطاعين الصناعي والتجاري الحكومة بضرورة الاستمرار في دعم حملة (صنع في الاردن) وإيجاد نوافذ تمويلية بشروط ميسرة، اضافة الى توفير العمالة المدربة واستقرار وثبات التشريعات والقوانين.
وشددوا على ضرورة مراعاة خصوصية القطاع الخاص والظروف الاقتصادية التي يمر بها عند اقرار مشروع قانون ضريبة الدخل خصوصا للمشاريع المقامة بالمناطق التنموية اضافة الى منح المزيد من الحوافز التي تشجع على الاستثمار والترويج للفرص ضمن خطط وبرامج واضحة. (بترا)